فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{واحدة} بالرفع: أبو جعفر ونافع. الباقون: بالنصب. {فلأمه} وما بعده بكسر الهمزة لأجل كسرة ما قبلها: حمزة وعلي. الباقون بالضم {يوصي} وما بعد مبنيًا للمفعول: ابن كثير وابن عامر ويحيى وحماد والمفضل وافق الأعشى في الأولى وحفص في الثانية. الباقون: مبنيًا للفاعل. {ندخله} بالنون في الحرفين: نافع وابن عامر وأبو جعفر. الباقون بالياء. وكذلك في سورة الفتح والتغابن والطلاق. {واللذان} بتشديد النون: ابن كثير، وكذلك قوله: {هذان} [طه: 63] و{هاتان} و{أرنا اللذين} [فصلت: 29] وأشباه ذلك. وأما قوله: {فذانك} فابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وعباس مخير. الباقون: بالتخفيف {كرهًا} بالضم وكذلك في التوبة، حمزة وعلي وخلف. الباقون بالفتح {مبينة} {مبينات} بفتح الياء: ابن كثير وأبو بكر وحماد. وقرأ أبو جعفر ونافع وأبو عمرو وسهل ويعقوب {مبينة} بالكسر {مبينات} بالفتح. الباقون كلها بالكسر.

.الوقوف:

{الأنثيين} ج {ما ترك} ج {فلها النصف} ط لانتهاء حكم الأولاد {إن كان له ولد} ج {فلأمه الثلث} ج {أو دين} ط {وأبناؤكم} ج لتقديرهم أبناؤكم، ولاحتمال كون آباؤكم مبتدأ وخبره. {لا تدرون} {نفعًا} ج {من الله} ط {حكيمًا} o {لم يكن لهن ولد} ج {دين} ط {منهما السدس} ج {دين} ط لأن غير حال عامله {يوصى} {مضار} ج لاحتمال نصب وصية به كما يجيء {من الله} ط {حليم} o ط لأن {تلك} مبتدأ {حدود الله} ط {خالدين فيها} ط لأن ما بعده اعتراض مقرر للجزاء. {العظيم} o {خالدًا فيها} ص لأن ما بعده من تتمة الجزاء. {مهين} o {أربعة منكم} ج لابتداء الشرط مع الفاء. {سبيلًا} o {فآذوهما} ج {عنهما} ط {رحيمًا} o {عليهم} ط {حكيمًا} o {السيئات} ط لأن حتى إذا تصلح للابتداء وجوابه {قال إني تبت} [النساء: 18] وتصلح انتهاء لعمل السيئات {وهم كفار} ط {أليمًا} o {كرهًا} ط للعدول عن الإخبار إلى النهي {مبينة} ج للعارض بين المتفقين {بالمعروف} ج {كثيرًا} o {شيئًا} ط {مبينًا} o {غليظًا} ط {ومقتًا} ط {سبيلًا} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قال القفال: قوله: {يُوصِيكُمُ الله في أولادكم} أي يقول الله لكم قولا يوصلكم إلى إيفاء حقوق أولادكم بعد موتكم، وأصل الايصاء هو الايصال يقال: وصى يصي إذا وصل، وأوصى يوصي إذا أوصل، فإذا قيل: أوصاني فمعناه أوصلني إلى علم ما أحتاج إلى علمه، وكذلك وصى وهو على المبالغة قال الزجاج: معنى قوله ههنا: {يُوصِيكُمُ} أي يفرض عليكم، لأن الوصية من الله إيجاب والدليل عليه قوله: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق ذلكم وصاكم بِهِ} ولا شك في كون ذلك واجبا علينا.
فإن قيل: إنه لا يقال في اللغة أوصيك لكذا فكيف قال ههنا: {يُوصِيكُمُ الله في أولادكم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين}.
قلنا: لما كانت الوصية قولا، لا جرم ذكر بعد قوله: {يُوصِيكُمُ الله} خبرا مستأنفا وقال: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الانثيين} ونظيره قوله تعالى: {وَعَدَ الله الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29] أي قال الله: لهم مغفرة لأن الوعد قول. اهـ.
قال الفخر:
اعلم أنه تعالى بدأ بذكر ميراث الأولاد وإنما فعل ذلك لأن تعلق الإنسان بولده أشد التعلقات، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: «فاطمة بضعة مني» فلهذا السبب قدم الله ذكر ميراثهم.
واعلم أن للأولاد حال انفراد، وحال اجتماع مع الوالدين: أما حال الانفراد فثلاثة، وذلك لأن الميت إما أن يخلف الذكور والإناث معا، وإما أن يخلف الاناث فقط، أو الذكور فقط.
القسم الأول: ما إذا خلف الذكران والإناث معا، وقد بين الله الحكم فيه بقوله: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين}.
واعلم أن هذا يفيد أحكاما: أحدهما: إذا خلف الميت ذكرًا واحدا وأنثى واحدة فللذكر سهمان وللأنثى سهم، وثانيها: إذا كان الوارث جماعة من الذكور وجماعة من الاناث كان لكل ذكر سهمان، ولك أنثى سهم.
وثالثها: إذا حصل مع الأولاد جمع آخرون من الوارثين كالأبوين والزوجين فهم يأخذون سهامهم، وكان الباقي بعد تلك السهام بين الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين فثبت أن قوله: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين} يفيد هذه الأحكام الكثيرة.
القسم الثاني: ما إذا مات وخلف الاناث فقط: بين تعالى أنهم إن كن فوق اثنتين، فلهن الثلثان، وإن كانت واحدة فلها النصف، إلا أنه تعالى لم يبين حكم البنتين بالقول الصريح.
واختلفوا فيه، فعن ابن عباس أنه قال: الثلثان فرض الثلاث من البنات فصاعدا، وأما فرض البنتين فهو النصف، واحتج عليه بأنه تعالى قال: {فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثنتين فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} وكلمة إن في اللغة للاشتراط، وذلك يدل على أن أخذ الثلثين مشروط بكونهن ثلاثا فصاعدًا، وذلك ينفي حصول الثلثين للبنتين.
والجواب من وجوه:
الأول: أن هذا الكلام لازم على ابن عباس، لأنه تعالى قال: {وَإِن كَانَتْ واحدة فَلَهَا النصف} فجعل حصول النصف مشروطًا بكونها واحدة، وذلك ينفي حصول النصف نصيبًا للبنتين، فثبت أن هذا الكلام إن صح فهو يبطل قوله.
الثاني: أنا لا نسلم أن كلمة إن تدل على انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف؛ ويدل عليه أنه لو كان الأمر كذلك لزم التناقض بين هاتين الآيتين، لأن الإجماع دل على أن نصيب الثنتين إما النصف، وإما الثلثان، وبتقدير أن يكون كلمة إن للاشتراط وجب القول بفسادهما، فثبت أن القول بكلمة الاشتراط يفضي إلى الباطل فكان باطلا، ولأنه تعالى قال: {وَإِن لَّمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فرهان مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وقال: {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم} [النساء: 101]، ولا يمكن أن يفيد معنى الاشتراط في هذه الآيات.
الوجه الثالث: في الجواب: هو أن في الآية تقديما وتأخيرا، والتقدير: فإن كن نساء اثنتين فما فوقهما فلهن الثلثان، فهذا هو الجواب عن حجة ابن عباس، وأما سائر الأمة فقد أجمعوا على أن فرض البنتين الثلثان، قالوا: وإنما عرفنا ذلك بوجوه: الأول: قال أبو مسلم الأصفهاني: عرفناه من قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين} وذلك لأن من مات وخلف ابنا وبنتا فههنا يجب أن يكون نصيب الابن الثلثين لقوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين} فإذا كان نصيب الذكر مثل نصيب الأنثيين، ونصيب الذكر هاهنا هو الثلثان، وجب لا محالة أن يكون نصيب الابنتين الثلثين، الثاني: قال أبو بكر الرازي: إذا مات وخلف ابنا وبنتا فههنا نصيب البنت الثلث بدليل قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين} فإذا كان نصيب البنت مع الولد الذكر هو الثلث، فبأن يكون نصيبهما مع ولد آخر أنثى هو الثلث كان أولى، لأن الذكر أقوى من الأنثى.
الثالث: أن قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين} يفيد أن حظ الأنثيين أزيد من حظ الأنثى الواحدة، وإلا لزم أن يكون حظ الذكر مثل حظ الأنثى الواحدة وذلك على خلاف النص، وإذا ثبت أن حظ الأنثيين أزيد من حظ الواحدة فنقول وجب أن يكون ذلك هو الثلثان، لأنه لا قائل بالفرق، والرابع: أنا ذكرنا في سبب نزول هذه الآية أنه عليه الصلاة والسلام أعطى بنتي سعد بن الربيع الثلثين، وذلك يدل على ما قلناه.
الخامس: أنه تعالى ذكر في هذه الآية حكم الواحدة من البنات وحكم الثلاث فما فوقهن، ولم يذكر حكم الثنتين، وقال في شرح ميراث الأخوات: {إِن امرؤ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} {فَإِن كَانَتَا اثنتين فَلَهُمَا الثلثان مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] فههنا ذكر ميراث الأخت الواحدة والأختين ولم يذكر ميراث الأخوات الكثيرة، فصار كل واحدة من هاتين الآيتين مجملا من وجه ومبينا من وجه، فنقول: لما كان نصيب الأختين الثلثين كانت البنتان أولى بذلك، لأنهما أقرب إلى الميت من الأختين، ولما كان نصيب البنات الكثيرة لا يزداد على الثلثين وجب أن لا يزداد نصيب الأخوات الكثيرة على ذلك، لأن البنت لما كانت أشد اتصالا بالميت امتنع جعل الأضعف زائدا على الأقوى، فهذا مجموع الوجوه المذكورة في هذا الباب، فالوجوه الثلاثة الأول مستنبطة من الآية، والرابع مأخوذ من السنة، والخامس من القياس الجلي.
أما القسم الثالث: وهو إذا مات وخلف الأولاد الذكور فقط فنقول: أما الابن الواحد فإنه إذا انفرد أخذ كل المال، وبيانه من وجوه: الأول من دلالة قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين} [النساء: 176] فإن هذا يدل على أن نصيب الذكر مثل نصيب الأنثيين.
ثم قال تعالى في البنات: {وَإِن كَانَتْ واحدة فَلَهَا النصف} فلزم من مجموع هاتين الآيتين أن نصيب الابن المفرد جميع المال.
الثاني: أنا نستفيد ذلك من السنة وهي قوله عليه الصلاة والسلام: «ما أبقت السهام فلا ولى عصبة ذكر» ولا نزاع أن الابن عصبة ذكر، ولما كان الابن آخذًا لكل ما بقي بعد السهام وجب فيما إذا لم يكن سهام أن يأخذ الكل.
الثالث: إن أقرب العصبات إلى الميت هو الابن، وليس له بالإجماع قدر معين من الميراث، فإذا لم يكن معه صاحب فرض لم يكن له أن يأخذ قدرا أولى منه بأن يأخذ الزائد، فوجب أن يأخذ الكل.
فإن قيل: حظ الأنثيين هو الثلثان فقوله: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين} يقتضي أن يكون حظ الذكر مطلقا هو الثلث، وذلك ينفي أن يأخذ كل المال.
قلنا: المراد منه حال الاجتماع لا حال الانفراد، ويدل عليه وجهان:
أحدهما: أن قوله: {يُوصِيكُمُ الله في أولادكم} يقتضي حصول الأولاد، وقوله: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين} يقتضي حصول الذكر والأنثى هناك.
والثاني: أنه تعالى ذكر عقيبه حال الانفراد، هذا كله إذا مات وخلف ابنا واحدا فقط، أما إذا مات وخلف أبناء كانوا متشاركين في جهة الاستحقاق ولا رجحان، فوجب قسمة المال بينهم بالسوية والله أعلم. اهـ.

.قال الألوسي:

وإيثار اسمي الذكر والأنثى على ما ذكر أولًا من الرجال والنساء للتنصيص على استواء الكبار والصغار من الفريقين في الاستحقاق من غير دخل للبلوغ والكبر في ذلك أصلًا كما هو زعم أهل الجاهلية حيث كانوا لا يورثون الأطفال كالنساء، والحكمة في أنه تعالى جعل نصيب الإناث من المال أقل من نصيب الذكور نقصان عقلهن ودينهن كما جاء في الخبر مع أن احتياجهن إلى المال أقل لأن أزواجهن ينفقون عليهن وشهوتهنّ أكثر فقد يصير المال سببًا لكثرة فجورهنّ، ومما اشتهر:
إن الشباب والفراغ والجده ** مفسدة للمرء أي مفسده

. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ} قالت الشافعية: قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ} حقيقةٌ في أولاد الصُّلْبِ، فأما ولد الابن فإنما يدخل فيه بطريق المجاز؛ فإذا حلف أن لا ولد له وله ولد ابن لم يحنث؛ وإذا أوصى لولدِ فلان لم يدخل فيه ولدُ ولده.
وأبو حنيفة يقول: إنه يدخل فيه إن لم يكن له ولد صُلْبٍ.
ومعلوم أن الألفاظ لا تتغير بما قالوه. اهـ.